في مؤتمر جامعة محمد بن زايد حول الهوية والمواطنة: الدكتور محمد بشاري يؤصّل لمواطنة أخلاقية مقاصدية تستلهم النموذج الإماراتي
أبوظبي – خاص
في ظل التحديات المتنامية التي تواجه المجتمعات المعاصرة في قضايا الهوية والانتماء والتعدد، احتضنت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية مؤتمرًا دوليًا بعنوان “المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك”، يومي 15 و16 أبريل 2025، بحضور نخبة من الأكاديميين وصنّاع القرار وممثلي المؤسسات الفكرية والدينية من مختلف أنحاء العالم.
وقد تميزت الجلسات العلمية للمؤتمر بمداخلات نوعية، من أبرزها كلمة الأستاذ الدكتور محمد بشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، التي جاءت تحت عنوان:
“جدلية الانتماء والمواطنة: نحو تأسيس مقاصدي للمواطنة الأخلاقية في زمن ما بعد الحداثة – في ضوء النموذج الإماراتي لإدارة التعدد وبناء الدولة الجامعة”.
خمس رسائل علمية شكلت جوهر المداخلة
استعرض الدكتور بشاري في كلمته خمس رسائل علمية تأسيسية، عكست رؤية فلسفية عميقة لمفهوم المواطنة في ظل عالم متغير:
1. المواطنة كمسؤولية أخلاقية
أكد أن المواطنة لا تقتصر على البعد القانوني والإداري، بل تتجلى في التزام الفرد بمنظومة من القيم الأخلاقية والمجتمعية، تجعل من الانتماء مسؤولية لا شعارًا.
2. الهوية كمشروع تفاعلي
أوضح أن الهوية ليست فقط موروثًا تاريخيًا، بل هي بناء مستمر يُعاد تشكيله بالوعي والعمل، مؤكدًا أهمية التفاعل الإيجابي مع الآخر ضمن المشروع الوطني.
3. الولاء الوطني ركيزة المواطنة
شدّد على أن المواطنة الحقة لا تنفصل عن الولاء للوطن وقيادته، والمساهمة في أمنه واستقراره، ومواجهة كل ما يهدد وحدته وتماسكه.
4. التربية رافعة المواطنة
دعا إلى جعل المدرسة والخطاب التربوي والديني الحاضن الأساسي لبناء الإنسان المواطن، القادر على الانخراط الواعي في مجتمعه وصون مكتسباته.
5. النموذج الإماراتي في التعددية
اعتبر أن التجربة الإماراتية تمثل نموذجًا واقعيًا لمواطنة متوازنة، حيث تزاوج الدولة بين القيم والإنسان، والتعدد والوحدة، في ظل قيادة حكيمة جعلت من التعايش مبدأً ومن الإنسان محورًا للسياسات.
مداخلة تتجاوز اللحظة وتستشرف المستقبل
لاقى خطاب الدكتور محمد بشاري تفاعلًا واسعًا من المشاركين، لما تضمنه من دعوة لتأسيس مفهوم جديد للمواطنة يقوم على المقاصد الأخلاقية، ويعيد الاعتبار للبعد القيمي في زمن تتنازعه الهويات وتتهدده النزاعات الثقافية.
وقد أشادت فعاليات المؤتمر بهذا الطرح الذي يجمع بين التأصيل الفلسفي والاستلهام الواقعي من تجارب ناجحة كالتجربة الإماراتية، مما يجعله مساهمة رائدة في النقاش العالمي حول مستقبل الدولة الوطنية وقيم العيش المشترك
