احتفالا باليوم الدولي للسلام.. رابطة الجامعات الإسلامية تعقد ندوة “السلام من أجل تنمية المجتمع”

 

كتب…..نزار سلامة

نظم الصالون الثقافي البيئي لرابطة الجامعات الإسلامية ندوة ثقافية بعنوان “السلام من أجل تنمية المجتمع”، بالتعاون مع الصالون الثقافي للجعفراوي، والجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للسلام،..

 

أقيمت الندوة في مقر الصالون الثقافي للجعفراوي بمنطقة التجمع الأول، بالقاهرة الجديدة…

 

 

وخلال كلمته أكد معالي الأستاذ الدكتور سامي الشريف الأمين العام: أن الأمم المتحدة قد أقرت (اليوم الدولي للسلام العالمي)، في 21 سبتمبر من كل عام للاحتفال به، بهدف التأكيد على مبادئ العدل والسلام والمحبة ونبذ العنف والكراهية، و بشعار يتغير سنويا.. وقد اختارت لعام 2025 شعار “السلام والتنمية المستدامة “.

 

موضحا أن السلام هو الأرضية الصلبة التي تبنى عليها التنمية المستدامة، كما أن التنمية المستدامة هي الضامن للسلام الدائم، وهذا السلام لا يعنى توقف الحروب والنزاعات فقط، بل يشمل الحفاظ على قيم الأمن والعدالة، والمساواة، والمصالحة، والحوار…

 

 

 

وأوضح معالي الأمين العام أن جميع الأديان السماوية والعقائد الوضعية قد اهتمت بقضية السلام باعتباره قيمة إنسانية لا تستقر الحياة بدونها، فالسلام أحد أسماء الله الحسنى كما أن تحية المسلمين ” السلام عليكم “، وكذلك سميت الجنة في القرآن الكريم بدار السلام، واهتمت المسيحية بقيمة السلام ونشرت ديانة السيد المسيح بالمحبة والسلام، كما وردت في الديانة اليهودية كلمة (شالوم) بمعنى السلام باعتبارها تحية دينية واجتماعية…

 

 

 

ولفت معاليه إلى أهمية الاحتفال باليوم العالمي للسلام، الذي يدفعنا للتأمل في واقع ما تواجهه الإنسانية من تحديات في ظل سعيها الدؤوب لبناء عالم أكثر أمناً وعدلاً وسلاماً، لكن الناظر للمجازر البشعة التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيونية بحق المدنيين الفلسطينيين يرى أنها تنسف كل الجهود الأممية الساعية لإرساء العدل والسلام.

مشيرا إلى أن هذه الحرب الشرسة التي تقام ضد الفلسطينيين تعد تقويضا لكل الجهود المبذولة لحل الصراع العربي الإسرائيلي وتبدد كل الآمال في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية والتي طالما نادت بها الأمم المتحدة، لتتحول الحرب إلى إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وسط صمت دولي مريب وغياب للمنظمات الدولية والإقليمية التي ترى تلك المذابح البشعة وتغض الطرف عنها، بل وتشارك فيها وتزكيها في أحيان كثيرة.

 

وحول آلية تحقيق السلام قال معالي الأمين العام: إن تحقيق السلام ليس مهمة الحكومات والقيادات السياسية وحدها ، بل إنه مسئولية جماعية تُسهم في بنائه والحفاظ عليه كل المؤسسات والهيئات الإقليمية والدولية بل والأفراد أنفسهم ليتحول إلى ” قيمة ” يسعى الجميع لدعمها والحفاظ عليها وجعلها سلوكاً وممارسة وليس مجرد كلمات وبيانات فضفاضه ،وهنا يبرز دور الجامعات والمؤسسات التعليمية كواحدة من أهم المؤسسات التي نعول عليها كثيراً في بناء أسس السلام والعدل والمساواة ؛ وذلك من خلال غرس قيم التسامح والعيش المشترك والحوار مع الآخر ، وتشجيع الطلاب والأساتذة على نشر خطاب إنساني إيجابي يحارب كل أشكال التطرف والكراهية وإقصاء الآخر ، فضلا عن إطلاق مبادرات شبابية للعمل التطوعي في خدمة اللاجئين والمهمشين وضحايا الحروب والنزاعات ودعمهم ، وتشجيع المبادرات الأممية التي تطلقها منظمة الأمم المتحدة والهيئات الدولية مثل (أجندة السلام المستدامة )، ( والتحالف ضد التطرف ) .
بينما أشار أ.د صلاح الجعفراوي رئيس مجلس أمناء مؤسسة مشوار التنموية إلى أهمية إقامة هذه الندوات التي تسعى إلى إرساء قيم السلام، والمحبة والتسامح بين المجتمعات.

 

 


موضحا أن منظمات المجتمع المدني ترتبط بعلاقة وثيقة ومتبادلة مع بناء السلام وشيوعه، وبين التنمية الاجتماعية، حيث تعمل على تمكين المجتمعات وتوفير الخدمات وتعزيز المشاركة المدنية، ودعم القضايا التي من شأنها أن تسهم في تحقيق سلام دائم ومستدام وشامل بما يصب في مصلحة المجتمع.

 


وأضاف أ.د الجعفراوي أن ديننا الحنيف قد حثنا على إرساء قيم المحبة والسلام والتقارب والتعاون بين البشر جميعا، فالسلام مقصد من مقاصد الشريعة التي ينبغي ألا تحتفي به في ندوة أو مجموعة ندوات، بل لابد أن يكون السلام منهاج حياة لكل البشر، كي يعيشوا سويا في وئام ومحبة واطمئنان، ومن هنا تتحقق التنمية بكل جوانبها الإنسانية، فالسلام غاية نبيلة، دعانا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إليها، وجعل شعار المسلم في إلقاء السلام.
وقد قال تعالى:” وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾”، وأتبع الآية الكريمة بقوله تعالى:” ألمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ”
مما يدل على قيمة السلام كفضيلة دينية إنسانية لا يخلو منها مجتمع إلا ويشقى شقاء مريرا.
فيما استعرض الأستاذ الدكتور عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر السابق (مفهوم السلام كرؤية إسلامية عالمية) ، موضحا أن الإسلام جاء بوسطيته ومبادئه السمحة ليقيم مفاهيم عظيمة ومبادئ قويمة ترتضيها البشرية كلها بفطرتها السليمة وإنسانيتها الكريمة ، فكانت هذه القيم والمبادئ من أهم نقاط تلاقي المجتمع الإنساني وتقاربه وتعارفه وتعاونه مصداقاً لقوله تعالى: : ” يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم “،، فالمساواة مبدأ وقيمة ، والتعاون والتعارف مبدأ وقيمة ، وحسن الجوار مبدأ وقيمة ، والعفو والإحسان مبدأ وقيمة ، والحرية مبدأ وقيمة ، والسلم والسلام من أجل التنمية ورفاهية الشعوب مبدأ وقيمة ، كلها قيم ومبادئ حملها الإسلام للبشرية أجمع .
كما تطرق أ.د عبد الحي عزب إلى أن التنمية ورفاهية الشعوب والمجتمعات هو مقصد شرعي، حيث إن التنمية بشقيها المادي والمعرفي تعني كل ما من شأنه النمو والزيادة والتعمير ، وهذا مقصد شرعي أصيل أشارت إليه النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة لتدعو الناس وتحثهم على التنمية والعمارة من أجل تحقيق حياة طيبة للأفراد والمجتمعات ، قال تعالى : ” هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ” …وهنا يقول رجال التفسير : ” إن أهم ما في الآية من مقاصد كريمة هو قصد عمارة الأرض واستغلال خيراتها ، وتحقيق مبدأ الخلافة في الأرض.

مبينا أن رسالة الإسلام هي رسالة الإنسانية للإنسان في الأرض، وهي نشر الأمن والأمان والسلم والسلام، والتقارب والتعارف والتعاون بين بني البشر، والبعد عن الفتن والخراب والدمار والتطرف؛ بغية الوصول إلى المقصد الشرعي العظيم في عمارة الأرض وتنمية خيراتها.
ويذكر أنه في ختام هذه الندوة التي حضرها عدد من العلماء والباحثين والخبراء في شتى المجالات، قد أطلق أ.د الجعفراوي دعوة من صالونه الثقافي إلى كل الحضور، بل لكل المجتمعات إلى أهمية إحياء فضيلة السلام وقيم الوئام والمحبة والتعاون، من أجل رفاهية الإنسانية جمعاء .
فيما أشار معالي الأمين العام في ختام الندوة إلى أهمية الاحتفال بمثل هذه الأيام الدولية، مشيدا بدعوة أ.د الجعفراوي بإفشاء قيمة ومعنى السلام الذي يسعى لتحقيق التنمية المستدامة بكافة صورها، شاكرا ومثمنا جهود كل من أسهم في إنجاح هذه الندوة.

زر الذهاب إلى الأعلى